نيبال - قطر: الاحتيال وسوء المعاملة
تنتشر في ممرّات الكويت - نيبال ونيبال - قطر ممارستان جوهريتان ومترابطتان من التوظيف الاستغلالي، أوّلهما فرض رسوم توظيف غير قانونية وباهظة على العمّال الوافدين لتأمين وظائف لهم، وثانيهما استخدام الخداع أو استبدال العقود لإقناع العمّال بالالتزام بهذه الرسوم. بنجاح محدود، سعت نيبال إلى وضع سقف على رسوم التوظيف التي يدفعها العامل من دون حظرها كليًا. على الرغم من أدلّة واضحة تظهر كيف تساهم ممارسات أرباب العمل ووكالات التوظيف في بلدان المقصد مباشرةً في تقاضي الرسوم من العمّال وتديمها، لطالما اعتبرت الكويت وقطر رسوم التوظيف مسألة تعني بلدان المنشأ. استثمرت نيبال وقطر في أنظمة جديدة للتعامل مع استبدال العقود، على الرغم من أنّ تأثير هذه المبادرات لا يزال غير واضح. تستمرّ نيبال في السماح بدفع العمّال لرسوم التوظيف. حاولت الحكومة تحديد المبلغ الذي يمكن تقاضيه من العمّال بـ10 آلاف روبية (83 دولار أميركي) لأغلبية العمّال، أو ما تسمّيه بتوظيف بـ "صفر تكلفة" (من دون تكلفة)، وسعت إلى إنفاذ هذا القرار من خلال اتفاقيات ثنائية جديدة. لكن، في الواقع، تدفع الأغلبية الساحقة من العمّال مبالغ تتخطّى هذا السقف بكثير، إذ أنّ عدم حظر الرسوم كليًا، بالإضافة إلى سوء ضبط ومراقبة الالتزام بالحدّ الأعلى، يخلقان مجالًا غير واضح يتيح للوكالات أن تتقاضى رسومًا أعلى بكثير من السقف المحدّد، كما أنّ نموذج العمل لوكالات التوظيف لم يتغيّر منذ صدور سياسة "تأشيرة مجانية، تذكرة مجانية" في 2015. لا تزال الأغلبية الساحقة من وكالات التوظيف تعمد إلى تقاضي رسوم باهظة من العمّال، ويعود ذلك جزئيًا إلى سعيها لتأمين طلب من أصحاب الأعمال في بلدان المقصد الذين يبحثون عن أدنى كلفة توظيف متاحة إذ قد تتوّفر لهم عروض أفضل من بلدان منشأ أخرى. قد تكون سياسة "تأشيرة مجانية، تذكرة مجانية" خفّضت الكلفة على العمّال قليلًا، لكن بطبيعة الحال لا تزال نيبال تفتقد إلى سوق فعلية للتوظيف الأخلاقي. في غضون ذلك ، حاولت السلطات النيبالية جعل العقود أكثر شفافية وفي متناول العمال المهاجرين. مع ذلك، لا تزال هناك مشاكل خطيرة في التنفيذ. يعاني عدد كبير من العمّال من عدم إصدار عقود لهم، أو من استلامها قبل السفر مباشرة، أو تزويدهم بالعقود بلغات لا يفهمونها. منذ 2018، سعت الحكومة إلى إشراك سفاراتها في عمليات التوظيف لإجراء تدقيقات مناسبة على أرباب العمل وقدرتهم على تقديم الشروط والأحكام، لكنّ الموارد المحدودة في السفارات تُعتبر مشكلة، ولا يزال استبدال العقود مستشريًا. يعتقد بعض الخبراء أن نظام إدارة معلومات العمالة الأجنبية FEIMS قد يساعد في الحد من انتشار استبدال العقود.
بينما يحظر القانون القطري بوضوح دفع العمال الوافدين للرسوم إلى كيانات في قطر، تعاملت الحكومة حتى وقت قريب جدًا مع دفع رسوم التوظيف على أنه مشكلة دول المنشأ. نتيجة لذلك، كان هناك بشكل عام تدقيق محدود في تفاعلات أرباب العمل والوكالات القطرية مع مسؤولي التوظيف في دول المنشأ. عندما ترفض الكيانات القطرية دفع أتعاب مهنية مناسبة لوكالات في دول المنشأ، تقدّم هذه الوكالات بدورها خدمات مخفضة أو مجانية، بل وتدفع رشاوى لتأمين خطابات الطلب، وتحوّل هذه التكاليف إلى العمال. في الآونة الأخيرة، سعت مبادرات رفيعة المستوى إلى معالجة عدم دفع أرباب العمل لرسوم التوظيف من خلال متطلّبات تعاقدية وتوجيهات، لا سيما اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر 2022. لم يتضح بعد ما هي الخطوات التي ستتخذها قطر ضد العديد من أرباب العمل خارج مثل هذه المشاريع البارزة الذين يعتبرون أنّ القاعدة هي دفع العمال لرسوم التوظيف. يعود الدور الرئيسي لمراكز تأشيرات قطر الجديدة في إحكام السيطرة على عملية التعاقد، إذ توفّر للعمال وضوحًا بشأن محتوى عروض العمل، وتمنحهم فرصة رفض الشروط والأحكام المعاكسة. في حين أنه من المبكر إجراء تقييم كامل لتأثيرها، يعتبر البعض بأن المراكز قد تحدّ من استبدال العقود، لكن مع استمرار سيطرة وكالات التوظيف النيبالية على العملية بالإجمال، لا يزال خطر الاستغلال مرتفعًا.
توصيات إلى حكومة نيبال:
• تبنّي تعريف منظمة العمل الدولية لرسوم التوظيف والتكاليف المرتبطة والتوصية بأن تطلب وكالات التوظيف النيبالية من أرباب العمل الأجانب دفع جميع تكاليف توظيف العمال النيباليين، بما في ذلك التكاليف التدريبية والطبية؛
• إضافة بند في القانون ينصّ على شفافية النطاق الكامل للتكاليف التي تتقاضاها وكالات التوظيف وطبيعتها أمام أرباب العمل في بلدان المقصد؛
• تأمين حماية صريحة بموجب القانون للعمّال الذين ليس لديهم عقد مكتوب؛
• مناقشة طرق لتعزيز فعالية مراكز تأشيرات قطر مع هذه الأخيرة، بما في ذلك السماح للعمّال بخدمة "الحضور من دون موعد" (walk-in) بلا حاجة إلى وكيل يأخذ موعدًا لهم، وتشديد انتباه المراكز إلى دفع الرسوم؛
• التعاون مع بلدان منشأ أخرى لمشاركة المعلومات المتعلّقة بأرباب العمل المسيئين والاستغلاليين في الخليج؛
توصيات إلى حكومة قطر:
• تعديل القانون لحظر دفع العمّال المهاجرين لرسوم التوظيف والتكاليف المرتبطة بها، بحسب تعريف منظمة العمل الدولية، إلى أيّ كيان، بما في ذلك الأطراف الثالثة التي قد تكون خارج قطر؛
• عبر تعديل القرار الوزاري رقم 8 لعام 2005، إضافة بند في القانون ينصّ على شفافية النطاق الكامل للتكاليف التي تتقاضاها وكالات التوظيف المحلية وطبيعتها أمام أرباب العمل؛
• إرساء وتعزيز آلية لجميع العمّال المهاجرين للإفصاح الآمن للسلطات والسعي وراء استرداد أيّ تسديد غير قانوني لرسوم التوظيف؛ توكيل مراكز تأشيرات قطر بتحديد وتسجيل حالات تقاضي رسوم التوظيف غير القانونية وتشارك معلومات مع الهيئات الاستقصائية في قطر؛
• البناء على عمل وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، ومعهد حقوق الإنسان وقطاع الأعمال، وغرفة التجارة، ومنظمة العمل الدولية، ومطالبة الشركات بوضع ميزانية شفافة وغير تنافسية لتكاليف التوظيف، بما في ذلك في سلاسل التعاقد الخاصة بها، في عمليات تقديم العطاءات للمشتريات العامة.