نيبال قطر

نيبال - قطر: سياسة الهجرة

دفَعَ الفقر المدقع والمستشري، ومعدّلات البطالة المرتفعة التي فاقمتها النزاعات السياسية وتأثيرات الكوارث الطبيعية، نيباليًّا من أصل عشرة إلى البحث عن عمل في الخارج، بحيث تشكّل تحويلات العاملين في الخارج نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي. على الرغم من أنّ الحكومة تسعى إلى وقف هذا التدفّق عبر خلق المزيد من فرص العمل في البلاد، من المرجّح أن تستمرّ هجرة النيباليين بسبب التراجع الراهن في الإنتاج الزراعي والسياحة الدولية. بالتالي، يتوسّط موضوع العمالة الأجنبية التخطيط الاقتصادي والتشريعات في نيبال، لكن بينما كانت السياسات تركّز سابقًا على تطوير فرص العمل بشكل أساسي لمعالجة البطالة، ظهر تحوّل أخير إلى التركيز أكثر على إجراءات حماية العمّال، ومَيْل إلى توقيع اتفاقيات عمل ثنائية مع بلدان المقصد الرئيسية. يشكّل تنظيم قطاع التوظيف المؤثّر الذي تربطه علاقات وثيقة بالأحزاب السياسية تحديًا بارزًا، وسط انتشار الانتهاكات بحقّ العمّال المهاجرين والمنافسة الشديدة بين شركات التوظيف نفسها ودول المنشأ الأخرى على الوظائف في بلدان المقصد الثريّة. بالإضافة إلى هذه التحديات، انتقدت منظمة الهجرة الدولية غياب التنسيق بين وزارات ولجان عديدة تدير سياسة الهجرة المتفاقمة من جرّاء عدم الاستقرار السياسي، والتغييرات المتكرّرة في الحكومة، وارتفاع معدّل تبدّل وزراء العمل خلال العقد الماضي. غالبًا ما يتمّ تبنّي السياسات من دون خطط تطبيق واضحة أو موارد ملائمة، وعلى الرغم من أنّ نواياها تبدو حسنة، تؤدّي إلى نتائج سلبية على المهاجرين. في محاولة لتعزيز التنسيق، تعمل نيبال حاليًا على برمجية جديدة لإدارة بيانات الهجرة بفعالية أكبر. إنّ عملية التقديم للحصول على إذن عمل معقّدة وطويلة، ما يدفع معظم الراغبين في الهجرة إلى استعمال خدمات وكالات التوظيف؛ ويبلّغ ثلاثة أرباع منهم عن ممارسات مسيئة، بما فيها اضطرارهم إلى دفع رسوم توظيف تتجاوز الحدّ القانوني الوطني بأشواط. يقع العمل المنزلي في الخارج، وهو مجال تهيمن عليه النساء عادةً، عند تقاطع بين الضغوطات المتنافسة لطلب التوظيف وحماية العمّال. على الرغم من حظر التمييز القائم على الجندر (النوع الاجتماعي) في تأمين التوظيف الخارجي للعمّال، والتحسينات المتزايدة التي تطرأ على التشريعات للتطرّق للتحديات التي تواجهها العاملات المهاجرات، فالتأثير الفعلي لقرارات حظر السفر الدورية على الهجرة بداعي العمالة المنزلية (خصوصًا إلى بلدان الخليج) كانت تمييزية ضدّ النساء من دون مبرّر، وخلافًا للهدف المعلن بحمايتهنّ، دفعت هذه السياسات العاملات المهاجرات إلى أبواب الهجرة غير الشرعية وعرّضتهنّ لخطر متزايد من الاتجار والاعتداء، وخفّضت من إمكانية الوصول إلى آليات التظلّم والتماس المساعدة القنصلية في الخارج.

يفوق عدد العمّال الوافدين عدد المواطنين في قطر بواقع تسعة إلى واحد، وتجذبهم إلى الدولة القطرية فرص عمل أنتجها ازدهار في قطاع البناء على مدى 20 عامًا. في حين يُعتبر هذا الاستقطاب العمّالي ضرورة اقتصادية، ترى الحكومة الاختلال السكاني كتهديد محدق بـ "الهوية القومية" القَطرية، وتوضع السياسات بشكل يحافظ على الطابع المؤقت لتوظيف أكثرية القوى العاملة الأجنبية ذات دخل منخفض، والتي يطغى عليها الرجال، لمنعهم من الاستقرار في البلاد والحصول على الجنسية. تبدو سياسة منح التأشيرات القَطرية مرتبطة بأهداف السياسة الخارجية للبلاد، مع توزيع وزارة الداخلية موافقات "جماعية" لجنسيات محدّدة (التي يقول أصحاب الأعمال إنّها غالبًا ما لا تستجيب لاحتياجاتهم وتخلق سوقًا لما يُعرف بالـ "تأشيرات المجانية"، معرّضةً العمّال لخطر الاعتقال)، وهي من الدول القليلة التي تتدخّل فيها الحكومة بالإدارة اليومية لمعاملات الهجرة. في الحالات الأخرى، تفوّض قطر بشكل فعّال عملية ضبط الهجرة لوكالات توظيف خاصّة وأصحاب الأعمال. تعرّضت قطر لضغط دوليّ شديد بسبب معاملتها للعمّال الوافدين بعد فوزها بالحقّ في استضافة كأس العالم للعام 2022، كما أنّها واجهت تهديدًا بإنشاء لجنة تحقيق تابعة لمنظمة العمل الدولية للنظر في العمل القسري فيها. بموجب شراكة تعاون تمّ التوصّل إليها مع المنظمة في 2017، طبّقت قطر برنامجًا من الإصلاحات العمّالية، بما فيها تحديد حدّ أدنى غير تمييزي للأجور وإجراء تعديلات على نظام الكفالة للعمّال الوافدين. تسمح القوانين الجديدة المُعتمدة منذ 2018 للمهاجرين بتغيير وظائفهم من دون إذن ربّ العمل الحالي ومغادرة البلاد من دون تصريح خروج. خضع تطبيق هذه القوانين إلى تدقيق ملحوظ، تحديدًا لناحية قدرة العمّال على تغيير عملهم كما تنصّ الإصلاحات، لكن ما زال الوقت مبكرًا لتقييم فعاليتها. بينما يشكّل الرجال أغلبية القوى العاملة المهاجرة في قطر، لطالما واجهت عاملات المنازل انتهاكات خطيرة تحديدًا، لكنّهنّ مُنحن بعض إجراءات الحماية من خلال قانون صادر في 2017، علمًا أنّ أحكام قانون العمل تستثنيهنّ. لكن نتيجة التقصير في الإنفاذ، بالإضافة إلى الضمانات الضعيفة لحقوق المرأة في البلاد عمومًا، لا تزال العاملات الوافدات يواجهن الانتهاكات. في 2021، أنشأت قطر عقد عمل معياري لعمّال المنازل لمعالجة تفاوتات عديدة بين إجراءات الحماية القانونية التي يوفّرها قانون العمالة المنزلية وقانون العمل لعام 2004 الذي يستثني عمّال المنازل.

توصيات إلى حكومة نيبال:

• إجراء مراجعة عامّة رسمية ومستقلّة لسياسة الهجرة الوطنية في نيبال. يجب أن تلتمس المراجعة آراء مجموعة واسعة من الجهات المعنية وتتطرّق تحديدًا إلى المسائل التي تشمل مراعاة الجندر وإمكانية وجدوى زيادة نسبة العمّال الذين تمّ توظيفهم بناءً على نماذج التوظيف بين الحكومات.
• الحرص على إمكانية وصول تامّ لجميع العمّال المهاجرين، بغضّ النظر عن وظيفتهم أو جندرهم أو ما إذا كانوا قد هاجروا عبر قنوات الهجرة النظامية، إلى المساعدة القنصلية في بلدان المقصد وإلى آليات التظلّم في نيبال.
• توفير قنوات منظّمة للهجرة إلى الخليج للنساء في قطاع العمالة المنزلية، والاستثمار في قدرات متفانية ومراعية للجندر في المؤسسات المحلية والبعثات الدبلوماسية بغية حماية النساء، بما في ذلك منع أرباب العمل الذين تُكتشف إساءتهم لعاملات المنازل من التوظيف من جديد في المستقبل، والإصرار على تضمين العقود المعيارية شروطًا تنصّ على حيازة النساء هواتف جوّالة، وتأسيس ملاجئ في السفارات، وإسقاط المقترحات التي تستوجب من النساء طلب إذن من أفراد أسرهنّ قبل الهجرة.

توصيات إلى حكومة قطر:
• الحرص على تطبيق كامل للإصلاحات القانونية لنظام الكفالة في قطر (قانون رقم 18 لعام 2020 وقانون رقم 19 لعام 2020)، وتوفير آليات تسمح للعمّال المهاجرين بممارسة حقّهم الشرعي في تغيير ربّ العمل؛
• إزالة تهمة "الهروب" من القانون رقم 21 لعام 2015؛
• إرساء عملية شفّافة لمنح التأشيرات تخوّل أرباب العمل من الحصول على التأشيرات التي طلبوها فقط.