نيبال - قطر: التظلم وسبل الانتصاف
يؤمّن قانون العمالة الأجنبية في نيبال إطارًا قانونيًا للعمّال الوافدين الساعين وراء تعويضات عن انتهاكات متعلّقة بعملية التوظيف في بلادهم وفي الخارج. لكن، عمليًا، تدفع مجموعة من العقبات المالية، والقانونية، والبيروقراطية، والجغرافية، والشخصية معظم الضحايا إلى إسقاط الشكاوى ضدّ شركات التوظيف أو القبول بعمليات الوساطة التي تنتج تعويضات أقلّ وتخفق في تحقيق المحاسبة. ينطبق ذلك خصوصًا على العمّال غير الموثّقين، وأغلبيتهم من النساء، أكثر من الذين يهاجرون عبر القنوات الرسمية. في نيبال، يوكل قانون العمالة الأجنبية مهمة التحقيق في الشكاوى ضدّ شركات التوظيف إلى مجموعة من الهيئات الحكومية، ويمنح هذه الهيئات صلاحية الإشراف على أعمال الوساطة، وطلب دفع التعويض، وإصدار الغرامات، وسحب التراخيص، وحتى إصدار أحكام بالسجن بحقّ المخالفين. حتى لو افترضنا أنّ الضحية على اطلاع بوجود هذه الحقوق (علمًا أنّ أكثرية العمّال لا يعلمون بوجودها)، فإنّ العملية الفعلية لمتابعة الشكوى طويلة، ومعقّدة، ومكلفة، وغالبًا ما تستوجب السفر إلى كاتماندو، على الرغم من توفّر تدابير تقديم الشكاوى بالبريد أو عبر النظام الإلكتروني، بالتالي، فهي خارجة عن إمكانات الأكثرية. لدى السلطات قدرة ضئيلة على إجراء تحقيقات، وحتى إذا ربح الضحايا قضية التعويض أمام محكمة العمالة في الخارج، عليهم استثمار وقت أطول وإنفاق مال أكثر لالتماس قرار الإنفاذ من المحاكم على مستوى المقاطعات. طوال العملية، لا يتمتّع مقدّمو الشكاوى بأي حماية أو بالكاد بعض الحماية من التهديدات أو التخويف من وكالات التوظيف التي تضغط عليهم لإسقاط القضايا ضدّها، كما أنّ المساعدة القانونية المموّلة من الدولة غير متاحة لهم، ما يجبرهم على الاعتماد على مساعدة منظمات المجتمع المدني التي غالبًا ما تكون رهنًا بتمويل الجهات المانحة. نتيجة لذلك، يقبل معظمهم بتسويات منخفضة يتمّ التوصّل إليها من خلال الوساطة. في الخارج، بموجب قانون العمالة الأجنبية، تتولّى البعثات الدبلوماسية النيبالية مساعدة المواطنين بشتّى الوسائل اللازمة، غالبًا بالتنسيق مع مراكز موارد المهاجرين التي تمّ تأسيسها في نيبال وفق المبادرة السويسرية-النيبالية لهجرة أكثر أمانًا. مع ذلك، أخبرنا العمّال النيباليون الوافدون إلى قطر والكويت أنّ سفاراتهم غير فعّالة ولا تمنح مساعدة كافية في التعامل مع آليات التظلّم المعقّدة في هذه البلدان، ويبدو أنّ ذلك يعود إلى القيود الشديدة على الموارد التي تحدّ من إمكانية تبنّي جميع القضايا، إنّما فقط أخطرها، بالإضافة إلى قلّة أنظمة الإحالة أو إدارة القضايا.
أُنشئت لجان فضّ المنازعات العمّالية القطرية التي بدأت العمل في عام 2018 لمعالجة إخفاقات نظام الشكاوى العمّالية السابق الذي اجتمعت فيه التأخيرات المستفيضة في الأحكام، ورسوم المحاكم لتقارير الخبراء، والحاجة إلى الحصول على قرارات إنفاذ منفصلة، لمنع وصول العمّال الوافدين إلى التعويضات. تستمع اللجان الجديدة إلى قضايا من جميع فئات العمّال الوافدين، بغضّ النظر عن جنسيتهم، ووظيفتهم أو وضعهم كمهاجرين. يجوز تقديم الشكاوى عبر تطبيق خلوي أو بالاتصال على خطّ ساخن أنشأته وزارة العمل. لا تفرض اللجان رسومًا للمحكمة، وتقدّم ترجمة مجّانية خلال جلسات الاستماع، وتجري بعض الجلسات خارج ساعات عمل معظم الوافدين، كما أنّها تشكّلت لإصدار قرارات ذات مفعول تنفيذي ضمن فترة ستّة أسابيع. في 2021، أطلقت وزارة التنمية والعمل والشؤون الاجتماعية منصّة إلكترونية لتمكين العمّال من تقديم شكاوى ضدّ أرباب العمل، بما في ذلك بصفة "مبلّغين/وشاة"، من دون إبلاغ أرباب عملهم. لا يمكن تقديم الشكاوى إلّا باللغة العربية أو الإنغليزية على الرغم من توفّر دلائل للمستخدمين بعشر لغات أخرى. دخل صندوق حكومي تأسّس لدفع المبالغ التي تمنحها المحكمة للعمّال المهاجرين، عندما يتقاعس أرباب عملهم عن الدفع أو يعجزون عن ذلك، في أغسطس/آب 2020. لا شكّ في أنّ هذه التحسينات على النظام القديم ملحوظة، لكن يستمرّ الوافدون في مواجهة عقبات يصعب تخطّيها في بعض الحالات. لا يمكن الاستماع إلى قضايا عديدة بشكل جماعي في المحكمة، أي أنّه يتمّ فصل القضايا المتشابهة التي تضمّ أعدادًا كبيرة من العمّال الذين تعرّضوا لسرقة أجورهم من أرباب العمل نفسهم، ما يدفع العمّال المهاجرين إلى محاولة فوز قضاياهم بصفة فردية ويبطئ مسار المحاكمات. يمتنع عدد كبير من أرباب العمل ببساطة عن المشاركة، وعلى الرغم من جهود السلطات لتسريع العملية، قد يستغرق قرار المحكمة في بعض القضايا حتى ثمانية أشهر. عندها، يكون إنفاذ الأحكام مضيعة للوقت بقدر إجراءات المحكمة. بسبب غياب مساعدة قانونية مموّلة من الدولة ومتاحة على نطاق واسع، قد يتكبّد مقدّمو الشكاوى في نهاية المطاف مصاريف للمحامي تساوي أجر شهرين، وغيرها مقابل ترجمة المستندات.
توصيات إلى حكومة نيبال:
• تأمين برامج مساعدة قانونية في المواقع التي يعيش فيها العمّال المهاجرون لمساعدة الضحايا على التواصل مع الوكالات المناسبة (مكتب إدارة المقاطعة، الشرطة المحلية) من دون الحاجة إلى الذهاب إلى كاتماندو؛
• إجراء مراجعة مستقلّة للسياسات لتقييم فعالية عمليات الوساطة الحالية. يجب أن تتطرّق هذه المراجعة تحديدًا إلى ما إذا كانت وساطة إدارة التوظيف الأجنبي في وضعها الراهن تدعم أو تمنع العمّال المهاجرين من تلقّي سبل انتصاف فعّالة؛
• ترسيخ قدرة البعثات الدبلوماسية في قطر والكويت بشكل ملحوظ على دعم العمّال المهاجرين الذين يواجهون الاستغلال وغيره من أشكال الإساءة في التماس التعويضات، بما في ذلك تأمين المشورة والتمثيل القانونيَيْن؛
• الحرص على تزويد البعثات بموارد مناسبة لإجراء تدقيقات شاملة على أرباب العمل المحتملين كجزء من عملية تصديق "خطاب الطلب"؛
• تطبيق الإرشادات التوجيهية لعام 2018 بشأن المساعدة القانونية في الخارج بفعالية؛
• دراسة جدوى تقنيات الفيديو مع مجموعات مثل منظمة العمل الدولية في السماح للعمّال العائدين بالوصول إلى آليات التظلّم القضائية وغير القضائية في دول المقصد.
توصيات إلى حكومة قطر:
• تقليص الوقت المُستغرق في إصدار الأحكام لدى لجان فضّ المنازعات العمّالية بشكل ملحوظ، والنظر في تغييرات تشريعية للسماح بشكاوى جماعية عندما يتقدّم عدد كبير من العمّال بشكوى. حيث يتقاعس أرباب العمل عن الامتثال لقرارات المحاكم أو حيث يعجزون عن ذلك، الحرص على استعمال صندوق دعم وتأمين العمّال لصرف المال المستحقّ للعمّال في الوقت المؤاتي؛
• توسيع نطاق الأضرار التي يمكن استردادها في لجان فضّ المنازعات العمالية، بما يتجاوز فقدان الأجور ومزايا نهاية الخدمة، لتشمل الوصول إلى التعويض عن مصادرة جواز السفر، واستبدال العقد، ورسوم التوظيف، وأي إخفاق في توفير السكن الملائم والغذاء والنفقات الطبية أو الاستغلال في العمل؛
• تأمين مساعدة قانونية مموّلة من الدولة للعمّال المهاجرين خلال مسار آلية التظلّم، بالإضافة إلى خدمات مجّانية لترجمة المستندات ونماذج الشكاوى التي يجب تقديمها؛
• تعديل قانون العمل لعام 2004، وقانون العمالة المنزلية، وقانون مكافحة الاتجار بالبشر لعام 2011 لتأمين حماية صريحة للعمّال من الطرد بسبب تقدّمهم بشكوى رسمية، وذلك من خلال تجريم الثأر ضدّ العمّال الذين يتقدّمون بشكاوى ويهربون من أرباب عمل مسيئين، وحظر الطرد من العمل لأيّ عامل يتقدّم بشكوى رسمية ضدّ ربّ عمله؛
• تعزيز تأمين الحكومة للملاجئ بشكل ملحوظ لعمّال المنازل والسماح بخدمة الحضور من دون موعد (walk-in).